.
.
باك
1995 ميلاديفي صيف ذاك العام كنت قد انتهيت من دراسة المرحلة الابتدائية في المدرسة الخاصة التي بناها لي والدي .. وككل صيفية تصيبني الحيرة , إلى أي بلد أسافر ؟؟ , وكم أمكث ؟؟ , وماذا اخذ معي
؟؟ .. يووووه تباً لهذه الحيره
<<--- كلن على همه سرى
قطع بهجتي وتفكيري بالسفر كلام والدي القاسي لي .. قال لي : شف يا مستر أنا أسف اني بخرب عليك الصيفية بس لازم وأنا ابوك تتعلم وتتعود من الحين ! .. أبيك تروح تدور لك أرض فاضية في الحارة عشان نبنيها لك مدرسة متوسطه .. أنا لولا أشغالي والتزاماتي وإلا كان جيت معك بنفسي .. عموماً يالله عشان ما تتأخر ونتأخر في شراء الأرض وبناءها .. ايه صح نسيت اقول لك ي مستر أي .. لا تقول لأمك عن الكلام اللي دار بين .. لو سمحت يعني
( تراه مهوب خايف أبد )
خرجت مكرهاً أنا وحارسي ( طفاية ) وبدأنا نجول في المنطقة بحثاً عن أرضِ مناسبة لبناء المدرسة عليها .. وبعد بحث متعبٍ وطويل دام حوالي العشر دقائق إذا بنا نرى أرضً مناسبة تماماً , أردنا أن نقف بقربها كي نسأل أحد المارة عن صاحب الأرض فصادفنا مجموعة من الأولاد الحفاةً قد رفعوا أكمامهم وطووا بناطيلهم وكانوا يضربون بأقدامهم شيء مستديراً لا أعرف ما هو ؟؟ .. يا ترى هل هذا هو الحب الذي يتكلم عنه الناس
؟؟
<<----- لا عاد تفكر مره ثانية تكفى !
لفت نظري من بين أولائك الأولاد شاب جميل .. ابيض البشرة ,أزرق العينين , أحمر الوجنتين , أشقر الشعر .. التفت إلى ( طفاية ) وقلت له : ياخي تشوف القهر .. شف ذا الولد وين ساكن و وش لابس وما شاء الله شكله زين .. وأنا شف وش راكب ومن أنا ومع ذلك شين .. بس يالله أكيد ما راح يكون بمثل أخلاقي وشجاعتي وفطنتي وذكائي .. صح يا ( طفاية ) ؟؟ .. صح أنا أحسن منه
؟؟
تنهد ( طفاية ) ثم قال لي مصرفاً : أحم .. أيه أيه أنت أحسن منه .. إلا وش رأيك يا ( مستر أي ) نروح نسأله عن الأرض ؟؟ .. ابتسمت وقلت له مفهياً : أوكي رح ناده .. ذهب ( طفاية ) إلى الولد وأخبره بأنني أريد التحدث إليه ثم عاد ( طفاية ) إلى السيارة وبصحبته الولد , أنزلت نافذة السيارة استعداداً للتخاطب معه وقبل أن أتكلم سقط الولد مغشياً عليه من شدة الضحك وقال لي : بالله عليك هذا وجهك صدق وإلا لابس قناع ؟؟ لا لا هذا مهوب وجهك , متنكر صح
؟؟ .. لا أخفيكم بأنني كدت أن أقول للسائق بأن يدهسه بعد خطابه الجارح لي ولكن طيبتي وكرمي وشجاعتي منعتني من فعل مثل هذا العمل المشين .. ما قلت لكم إني طيب
؟؟
ابتسمت في وجه الولد وقلت له : هههههههههه لا هذا وجهي للأسف .. لو معجبك علمني الحين أسوي عملية تبديل وجوه وعلى حسابي بعد , هاه وش قلت ؟؟ إلا ما قلت لي وش اسمك
؟؟ .. تنهد الولد وقال لي بصوتٍ واطي : اسمي ( برّايه ) .. ضحكت بشدة حتى كاد نفسي أن ينقطع وقلت له وأنا أحاول أن أتمالك نفسي : وشو .. وشو .. ( برّاية ) ؟؟ هذا اسمك الحين بالله ؟.. اصبر اصبر لا تقول لي .. أكيد مولود في مكتبة خدمات طالب وأسم امك ( منقلة ) .. صح
؟؟
أجابني ( برايه ) بذهول : أيه صح عليك أسم امي ( منقلة ) وش لون دريت ؟؟ .. لا يكون تراقبنا
؟؟
( بعض الناس ما ودكم يفكر ) .. وبعدين أحترم نفسك تراني مولود في أحسن وأرقى مستشفى في الرياض !! .. هنا بدأت أسلاك عقلي تتشابك وتتشابك و تتشابك وتتشابك وقبل أن يسوء الوضع ويصبح عقلي كشبكة العنكبوت استطرت قائلاً : طيب يا ( برّايه ) وش رايك نروح نتغدا سوا ؟ .. وقبل أن اسمع موافقته إذا بأحد الفتية يصرخ : يا ليت يا ( برّايه ) قبل لا تركب معه تاكل لك شوي تراب من البرحه .. ماله داعي يعورك بطنك من الأكل الزين خصوصاً انك ما تعودت
!
ذهبنا إلى المطعم و وسط غداءِ تكسوه الرومنسية عرفت بأن ( برّاية ) ما هو إلا الطفل الأطخم الذي كان بجانبي وقت الولادة .. نعم يا أخون هو نفسه ذاك الطفل الذي كنت أحاول أن احسده .. ومن الواضح أنني لم أستطع
<<-- واضح انك للحين منقهر من جماله
عائلة ( برّايه ) كانت من الطبقة دون المتوسطة وقد بدأ والدته المخاض وهي بالقرب من مستشفىً فارهه .. وعندما حاول والد ( برّايه ) أن يدخلها لتلد في المستشفى لم يستقبلها لأنها لم تكن قادرة على دفع رسوم الولادة المكلفة ! .. في تلك الأثناء دخل والدي ومعه والدتي والتي بدورها قد بدأها المخاض هي ايضاً .. رأى والدي عائلة ( برّايه ) وهم يتفاوضون مع موظفين الاستقبال .. أشار والدي بيديه للموظف مشيراً له بأن حساب هؤلاء علي !
(جالسين في مطعم ؟ ) .. ثم بعد ذلك تمت ولادتي و ولادة ( برايه ) .. وبعد أن انتهينا من الغداء أرجعت ( برّايه ) من حيث أخذته
***
كان هذا هو لقائي الأول مع ( برّايه ) وللأسف لم يطل هذا اللقاء .. فلقد أشترى والدي تلك الأرض وبنى فوقها مدرسة ً خاصة لي ولم يعد ( برايه ) وأصدقائه يدحرجون ذلك الشيء المستدير مرة ً أخرى هناك !
2001 ميلادي
" انتبببببببببه !! " انطلقت تلك الصرخة من زميلي الذي كان متمسكاً بشدة في مرتبة السيارة من شدة الخوف إلى درجة أنها اختنقت وانقطعت أنفاسها واضطررنا أن نقلها إلى المستشفى كي نسعفها بالتنفس الصناعي !
<<-- تراها مرتبه يا أبو الشباب يرن منبه هاتفي المحمول , أخرجته من جيبي لأجد " لديك 1 رسالة جديدة طال عمرك " فتحت الرسالة وإذا بها من والدتي .. تقول فيها :